لا وداعاً .. رمضان ... للنشر والاطلاااااااع‎

رمضان .. أحببتك من صميم قلبي .. و من حبة عيني . كيف لا أموت فيك .. موت العاشقين و أنت الوحيد .. و ربما الأوحد .. الذي زارني .. دون مصلحة .. و استضافني على موائد خيره الندية .. دون تلكؤ أو خداع ؟ كيف لا أراك أكثر من معشوق .. يعرف كيف يجيد فن التواصل النرجسي المنغوم على وتريات العطاء و بدون حد فاصل بين زمنين للعطاء ؟ كيف ألفظ أنفاسك الأخيرة من دمي .. و قد تمشيت فيه كما تمشت الأهرامات خالدة على خط الزمن . يقولون لي : إنك راحل عني غداً .. لن أصدق قولهم .. فكم وشى بالخديعة و المكر أعداء العشق .. و سمموا بالإشاعات المسعورة بلهيب الأنا .. و الظن السوء .. علاقة ناصعة كانت .. كثلج يتحدر من فوق رابية .. أو يتساقط ساحراً من قمة مرتفعة تحيطها سلسلة لا نهائية .. من شجر الأرز .. و اللوز .. و الزيتون .. و الرمان .

أتعرف يا رمضان .. إني لأستغرب من كل هؤلاء .. الذين زعموا أنك حبيبهم .. كما لو أنك مجنون ليلى .. أو عنتر عبلى .. فلو كانوا لك كما يدعون .. بكل هذا الحب .. لراجعوا حساباتهم العلنية .. و قرروا أن لا يقفوا .. على عتبة الوداع .. ملوحين لك بأكفهم الخشنة .. كمن يقول في صمت : مع السلامة .. و إلى اللقاء .. حبٌ هذا يا رمضان ؟! .. كأنهم كانوا يتمنون خروجك من دائرة الثلاثين يوماً .. ليتخلصوا منك .. ما أعرفه أن هذا الحب فاشل بامتياز .. و لا تصدقني إذا عجزت عن الإتيان بالدليل .. و دليلي البسيط هو أنني فيما مضى من الزمن .. في صغري الحلو الجميل .. طالعت رغم حداثة سني .. قصة الحب البلوري .. الماطر .. التي نسجت أشعة شمسها الخلابة .. على قلب عبلى ..هوى الفارس عنتر .. حتى أنها قطعت أوردتها الدموية .. و زرعت بدلاً منها .. تلك الأنسجة العاطفية .. و من يومها .. رفض الموت .. المساس بهما .. أنكر أنهما مخلوقان للفناء .. فترك لهما حرية العيش دون خوف من أي سجان .. و هما .. قدوة لنا في الحب الصادق .. الخالد .. الذي لا يموت .. و لا يذبل .. حتى أنه لا يعرف ما هي المقابر .. ولا الأكفان .. هل أحبوك مثل هذا الحب ؟ كذبوا و الله .. أعرفهم جيداً .. و أنا كنت يوماً ما منهم .. كنت أعتلي أعلى مكان مرتفع للخديعة .. و أقف على أعلى قمة فيه .. كمن يقف ليبارز الشمس في عليائها .. و أصرخ و يسمعني المدى .. أحبك يا رمضان .. و مع هذا العويل الكاذب .. كانت لي عينان .. و كلتاهما تنظران إلى هلال مغيبك .. وفي نفسي أهجس : متي يطعن صدرك الزمن .. و متى ترميك سهام الوقت .. بطعنة نجلاء .. في قلبك ؟! كنت مثلهم .. و أظن أنني اليوم اختلفت عنهم شيئاً قليلاً ..

رمضان .. أحبك و لن أدعك ترحل .. و لو وقفت أمامي .. سأفجر نفسي رغبة في تشظيها .. مليون شلو .. حتى يلتحم كل شلو منها مع كل نفحة فيك .. و مع كل عبق يضوع منك .. و مع كل بركة حملتها إلينا .. دون منة .

سبحان الله يا رمضان .. بالأمس استقبلناك .. و اليوم لن نودعك .. أتعرف لماذا ؟ لأننا لن نشبع من ثمرك اليانع .. أنت حسنات في حسنات .. صومك صحة .. الحب معك يكبر .. بوجودك بيننا نتراحم .. من بركتك لا نجد مسجداً يشكو قلةً في المصلين .. و الفقراء يندسون في طوابير الأغنياء .. فيتوهون بينهم .. و المآذن لا تسكت عن التكبير و التهليل .. و تحلو السماء و تصفو .. و يتزين الوقت بالإنجازات .. و تزدحم الطرقات بالماشين إلى الخيرات .. أ تعرف يا رمضان .. حتى موائدنا لا تفارقها التشكيلات .. من لحم و دجاج و خضروات و سمك .. زد على ذلك عصير الخروب البارد .. و التفاح الطازج .. و المانجا المستوردة من بلادنا المحتلة ..

أليس من الحماقة .. أن نمنحك بطاقة للسفر .. بحجة أن العيد داخل علينا .. و هو ضيف لا يجلس معك في ذات الزمان .. و في نفس المكان ؟. هب أن هذه الحقيقة واقعة لا محالة .. فلنا مخرج من هذه الورطة .. اسمع مني هذه الفكرة المُنجية من شر سفرك عنا .. إذ لا نريد أن نُيتم من بعدك .. فان أعجبتك و بها رضيت .. صرنا أعز صديقين .. و أخلص عاشقين .. و إن كانت لا تناسبك .. فذكراك الجميلة لن تغادرنا .. و سيداعب أحلامنا أمل عودتك في العام القادم .. فكرتي تهدف إلى إبقاء جسر التواصل بيننا حتى الموت .. و بالطبع أنا و أنت .. سنتحصن من هذه اللحظة التاريخية .. ضد شبح الموت المخيف .. سنلبس درعاً واقياً من رصاص الفناء .. و لا أريدك أن تفهم قصدي مقلوباً .. و بعيداً عن حقيقته .. لا أريدك أن ترميني بالغلط في مواضيع العقيدة الراسخة .. أقصد عقيدة الموت المكتوب على كل آدمي .. و حتى على الكائنات الأخرى .. فصحيح أن الموت حق .. و ذوق شرابه هو الثابت الوحيد على هذه الأرض .. و ما التحرر من شبح هذا الموت .. الموت الحق .. أقصد .. و لا إليه أرمي .. إنما مرامي قولي هو التحرر من وراء قضبان الخوف من لحظة الموت تلك .. و الفرق بين الأمرين شاسع .

حدثتك عن هدف الفكرة .. و الآن .. سأحدثك عن وسائل تنفيذها .. تعرف أنك تغمرنا بالنور عندما تهل علينا .. و ما مقدمك إلا لغاية نبيلة .. و هي بعث روح التقوى في حياتنا .. من هنا .. من هذه الحقيقة الناصعة .. يمكن لرحيلك ألا يتم .. كيف ذلك ؟ إننا لو قطفنا منك .. هذه الثمرة .. ثمرة التقوى .. و خللناها في أواني حياتنا .. و متى شعرنا بعضة الجوع .. و لفحة العطش .. التهمنا منها لقمة سائغة .. و شربنا منها شربة باردة .. و على هذه الحال نُمضي بقية حياتنا .. فتظل فينا بروحك و إن غاب الجسد .. و تمرح بيننا بأنفاسك و إن رحلت الجثة .. و عندها يمكن لنا .. أن نودعك وداعين .. وداعاً لا وداع معه .. و وداعاً تظل معه أعناقنا مشرئبة إلى سموك المنتشر في أفق سماوي جديد .


بقلم : أسامة جمال الدحدوح

منقووول لااحلى العيون

يسلموووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووو

شكرا لمروركما العطر

شكرا جزيلا لك غاليتي
جميل جدا

العفو

وشكرا لردك الجميل